قرقعة الرصاص دائماً أعلي من صوت المنطق
سلطات الحكم لاي بلد في اصقاع المعمورة معروفة وهي التشريعية والقضائية والتنفيذية ,
ويوجد سلطة اخري اجمع الجميع علي تسميتها بالسلطة الرابعة ,الا وهي سلطة القلم والصحافة .
ومن الجدير ذكره أن مدي تقدم الامم وتطورها اجتماعياً وثقافياً وحضارياً يقاس بمدي فعالية تلك السلطات ,
وبمدي امكانية عدم تداخل اي سلطة في عمل الأخري ,ناهيك عن عدم السماح بتهميش دور تلك السلطات
حتي في وقت الازمات .
في الحال الفلسطيني ولأسباب معروفة للجميع ,اصبح كيان تلك السلطات مهلهلاً ومهمشاً ويشكو من امراض عديدة
ومزمنة ألمت به وأدت الي تجميد عمل تلك السلطات .
نتيجة لذلك اصبحت هذه السلطات غير قادرة علي القيام بالمهام التي قامت اصلاً من اجلها .
وفي ظل هذا الجمود في عمل تلك السلطات ,أصبح يعول كثيراً علي سلطة القلم والصحافة
والتي من المفترض ان يكون لها تأثير علي شرائح المجتمع المختلفة ,تأثير ايجابي وقوي يؤدي
الي تغيير ثقافة الفوضي والانجرار وراء عدم مراعاة القوانيين والنظم ,واحلال ثقافة
النظام والعيش بشكل حضاري مستمد من روح ثقافتنا الحضارية والدينية .
حيث انه من البديهي ان تكون ممارساتنا نابعة من نهج حياة مبني علي الاخلاق والقيم وليس نهج
قانون الغاب
لا استطيع الادعاء بأن السلطة الرابعة مقصرة في هذا المجال ولكن لسان حالنا اليوم
يقول (قد اسمعت لو ناديت حياً.....ولكن لا حياة لمن تنادي).
فبالرغم من كثرة و وفرة المواد الصحفية التي تركز ليس علي الجوانب السلبية لما حدث في مجتمعنا فحسب
,وانما علي طريقة الخروج من تلك الأزمات وطرق مواجهة تلك الآفات التي غزت حياتنا ,
الا ان الكثيرون قد اغلق حتي اشعار آخر بصره وبصيرته امام صوت المنطق والحق .
فالشعب الفلسطيني كما هو معروف للجميع يصنف ضمن الشعوب الاكثر تعليماً.
نعم !بحق هذا صحيح ولا ريب فيه ! ولكن السؤال المهم هنا هل التعليم هو الثقافة ؟؟
وهل الثقافة هي التعليم الأكاديمي ؟؟
بالطبع لا ,فهناك فرق بين الثقافة والتعليم ...والخلط بينهم فيه لغط شديد .
فليس كل من يحمل أعلي الألقاب الاكاديمية ,يحمل في ثقافته أيضاً الخضوع
للقوانيين والتشريعات الأنسانية الحضارية ,يحمل في ثقافته نبذ الفوضي والرجعية
ونبذ الخضوع لشريعة الغاب .
فتري معظم الصفوة من هذا المجتمع لايزال يلقي باللائمة علي الاحتلال ,
وتراه يلقي بعد ذلك باللآئمة علي السلطة الحاكمة ,وبعد ذلك يلعن حظه وقدره
المشؤوم الذي اوجده في هذه البقعة من الارض.
من السهل علينا ان نلقي باللوم ونلعن كل تلك الاشياء ولكن كم مرة وقفنا وقفة شجاعة مع انفسنا
وفكرنا هل نحن فعلاً نراعي الله في تصرفاتنا ,في اخلاقياتنا ,في ممارساتنا اليومية !!
هل نراعي الله في هذا البلد الذي يأن ويتوجع.
هل فكرنا بتلك الظروف وبتلك الفوضي
التي عصفت بحياتنا والتي من شأنها ان تسحق معها كل ما هو جميل و ثمين في حياتنا ,
هل فكرنا في حلول عملية لمواجهتها ,هل فكرنا في تغيير نهج حياتنا السلبي الامبالي
وبدأنا نتعامل مع الاشياء جميعاً بجدية و بما يرضي الله .
نعم....الاحتلال هو الاحتلال..
والسلطة الحاكمة غير حاكمة لاسباب الكل يعرفها ,فسلطات ومؤسسات البلد و الذي هو بلد الجميع
نائمة في سبات عميق ,وكل شئ هنا اصبح يعاني من سكرات الموت ...نعم.. لا انكر ان هذا صحيح ..
ولكن لماذا لانسأل انفسنا اين نحن من تلك الفوضي والغوغائية والتشرذم ,اين نحن من تلك التصرفات
الغير اخلاقية والغير حضارية والغريبة علينا والتي دخلت فينا واحتلت حياتنا !!!
أين القيم .وأين المبادئ!!! ..اين الدين من كل ذلك ,
ام اننا رضينا بأن نأخذ من الدين فقط ما يتوافق مع اهوائنا وغاياتنا وغرائزنا .
هل تلك الفوضي موجودة في بلاد الماو ماو !!! أم هي لشعب آخر لا شأن لنا به موجود في كوكب آخر وفي زمن آخر .
لماذا لا نسمي الاشياء بمسمياتها ونعترف لانفسنا بأننا نحن من يقوم بتلك التصرفات الحمقاء
وبتلك الفوضي الغير مبررة ,فاذا كان المجتمع علي هذا الحال ,فنحن ذلك المجتمع,
لانه يتكون منا وليس من مخلوقات فضائية هبطت علي حين غرة عليه من الفضاء .
فأين الصفوة والنخبة المتعلمة منا ,ولماذا ينسون بسرعة البرق تلك الشهادات الاكاديمية العليا
التي يحملونها ويطلقون العنان لأنفسهم بالتصرف بطريقة غير حضارية وغير اخلاقية وغير انسانية
في الوقت الذي من المفروض ان يكونوا هم البوصلة وهم صمام الامان لهذا البلد الذي تعصف به عواصف
لها اول وليس لها آخر.....
يكفي بنا دائماً إلقاء اللائمة علي الظروف وعلي الآخرين ممن حولنا ,نحن ملامون في كثير من الامور ,
ملامون لاننا انجررنا وراء الكثير من تلك التصرفات الرعناء ,ملامون لاننا بصمتنا وسلبيتنا أصبحنا جزء من تلك الأحداث,
اصبحنا نلقي باللآئمة علي كل شيئ ..الا علي انفسنا ,نقوم بنقد كل شيئ ..الا انفسنا ......عجبي !!
ويحضرني هنا قول معبر جداً لشاعر معروف (نعيب الزمان والعيب فينا ...........)
فالي متي سنظل نقبل بأن يكون صوت المنطق ضعيفاً , منطلقاً بإستحياء....
أما آن لهذا المنطق من ان يخرج مجلجلاً.....أما آن لهذا المنطق من ان يعلو.....يعلو فوق الجميع ...........يعلو فوق كل شيئ...
يعلو حتي فوق قرقعة الرصاص تحياتى للجميع
موضوع: قرقعة الرصاص أعلي من صوت المنطق.... 
الخميس ديسمبر 31, 2009 5:03 am
يسلموا مشكورر